للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بل يثبت بدله)، بدل أيش؟ المُقْرَض، (في ذمته) في ذمة المستقرض، (حالًّا) لا مؤجلًا، حتى وإن أجَّله لا يتأجَّل، فإذا قال إنسان: أقرضني صاعًا من بُر، فأقرضته إياه ملكه وثبت في ذمته بدلُه، فما بدلُ صاع البر؟ صاع بر؛ لأنه مثليٌّ، فيلزمه صاع بر في ذمته، (حالًّا) يعني: للمقرض أن يطالب المستقرض بالوفاء حالًّا ولو بعد نصف ساعة.

(ولو أجَّله) هذه إشارة خلاف، (ولو أجَّله) أي: المستقرِض قال للمقرض: سأوفِيك بعد سنة، فإنه لا يَصِحُّ هذا الشرط ويُلغى ويكون القرض حالًّا، لماذا؟ لأن الإمام أحمد نصَّ على أن القرض حال، قال: كل قرض فهو حال، يعني: لا يقبل التأجيل، فإذا شرط التأجيل كان شرطًا منافيًا لمقتضى العقد. هذا ما ذهب إليه المؤلف، والصحيح: أنه إذا أجَّله ورضي المُقْرِض فإنه يثبُت الأجل ويكون لازمًا، ولا يحل للمقرض أن يُطالِب المستقرض حتى يحل الأجل.

دليل هذا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وهذا عقد شُرط فيه التأجيل فيجب أن يُوفى به؛ لأن أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود يشمل الوفاء بأصلها والوفاء بوصفها، وهو الشروط التي تُشترط فيها؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (٥)، فعُلِمَ من ذلك أن الشرط الذي لا ينافي كتاب الله فليس بباطل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» (٦)، ولأن المطالبة به وهو مؤجل إخلاف للوعد، وإخلاف الوعد من سمات المنافقين.

كل هذه الأدلة تدل على أنه إذا كان مؤجَّلًا وجب أن يبقى مؤجلًا؛ ولأنه ربما يكون في ذلك ضررٌ عظيم على المستقرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>