افرض أن الرجل أقرضني خمسين ألفًا لشراء سيارة أنتفع بها، فاشتريت السيارة على أنه مؤجَّل إلى سنة -القرض- فعلى كلام المؤلف: لصاحب القرض أن يطالبني الآن ويقول: أوفني، ويُلزمني بأن أبيع السيارة وأوفيه، وفي ذلك ضرر عظيم. وكذلك لو أني استقرضت من شخص دراهم لأشتري بيتًا للسكنى، فاشتريت وسكنت، وكان هذا القرض مؤجلًا إلى سنة أو أكثر، ثم جاء يطالبني يقول: أعطني قرضي، أليس بهذا ضرر؟ ما فيها شك، فيه ضرر، وهذا يستقبحه العقل والعرف والمروءة فضلًا عن الشرع.
ويقال: إن قول الإمام أحمد رحمه الله: كل قرض فهو حالٌّ؛ يعني: هذا هو الأصل، لكن كم من أشياء خرجت عن أصولها بالشروط التي تُدْخَل فيها.
إذن القول الراجح: إنه يتأجل بالتأجيل؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، ويثبت الأجل، وليس للمقرض الحق في أن يطالب؛ لأنه هو الذي رضي بتأجيله، وللأدلة التي ذكرناها من قبل.
(فإن ردَّه المقترض لزم قَبوله)(ردَّه) الهاء تعود على المُقْرَضِ، (إن رده المقترض) على المقرض، (لزمه) أي: لزم المُقْرِض قبوله؛ لأنه عين ماله.
وظاهر كلام المؤلف: حتى وإن كان المستقرض انتفع به في هذه المدة، فإنه يلزم المقرِض قبولُه، مع أنه إذا استعمله لا سيما إن كان قد اقترضه وهو جديد، ثم استعمله ولو لمدة يسيرة، فسوف تنقُص قيمته بلا شك.
ولهذا، القول الثاني في هذه المسألة: أنه لا يلزم المقرِض قبولُه سواء تغيَّر أم لم يتغير، فإذا قال المقترض للمقرِض: هذا مالك أنا رددته عليك، يقول له: أنت ملكته بالقرض وقبضته فملكته، فصار ملكًا لك، فلا يلزمني أن أقبله وأدخله ملكي.
وهذا القول هو الصحيح: أنه إذا رده المقترض فإنه لا يلزم المقرض قبوله، لكن لو قبله فلا بأس؛ لأن الحق له، ولا فرق بين أن يكون مثليًّا أو متقوَّمًا، فإنه لا يلزم القبول على القول الراجح، وعرفتم علته.
(وإن كانت مكسَّرة أو فلوسا فمنع السلطان المعاملَة بها فله القيمة وقتَ القرض).