والصحيح أنه جائز بشرط ألا يكون مشروطًا، بأن يقترض منه عشرة، ثم عند الوفاء يعطيه أحد عشر فإنه لا بأس؛ لأنه إذا جازت الزيادة في الصفة جازت الزيادة في العدد؛ إذ لا فرق، بل قد تكون الصفة أحيانًا أكثر من العدد، كما لو كان جيدًا جدًّا فإنه قد يكون أكثر من العدد فائدةً للمُقرِض.
وفهم من قوله:(بعد الوفاء)، أنه لو كان قبل الوفاء فإنه لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى أن يهاديه المقترِض كلما مضى شهران أو ثلاثة، وذاك يزيد في تأخير الطلب، ثم يكون كالربا الزائد لكل شهر أو لكل سنة.
ولهذا قال:(وإن تبرع لِمُقرِضه قبل وفائه بشيء لم تجرِ عادته به؛ لم يجُز).
(إن تبرع)، مَنْ؟ المقترِض (لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجرِ عادته به؛ لم يجز)، سواء كان ذلك قليلًا أو كثيرًا.
وعُلِم من قوله:(لم تجرِ عادته به) أنه لو كان من عادته أن يتبرع له في مثل هذه المناسبة، فإنه لا بأس أن يقبل، وإن لم يحتسبه من دينه. مثاله: أن يكون الذي أقرضه صاحبًا له، وجرت العادة أنه إذا سافر يعطيه هدية بعد رجوعه من السفر، كما هو معروف فيما سبق، فهذا المقترض سافر ورجع من سفره، وكان من عادته أن يعطي الذي أقرضه هدية السفر، فأعطاه الهدية هدية السفر بعد أن اقترض منه، فهذا لا بأس به؛ لأن الحامِل له ليس هو الاقتراض، بل الحامل له هو المودة والمصاحبة بينه وبين صاحبه.
كذلك يقول:(لم يجز، إلا أن ينوي مكافأته أو احتسابه من دينه).
(إلا أن ينوي) أي: المقرض، (مكافأته) أي: مكافأة المقترض، (أو احتسابه من دينه).
مثال هذا في مسألة المكافأة: إنسان استقرض من شخص ألف ريال، ثم إن المقترض أهدى إلى هذا المقرِض ساعة تساوي مئتي ريال، فله أن يقبلها بشرط أن ينوي المكافأة بمثل قيمتها أو أكثر.
فإن قال قائل: لماذا لا يردها أصلًا، ما دامت المسألة حرامًا، فلماذا لا يردها؟