طيب، إذا قال: أقرضك ألف ريال -هو في مكة- بشرط أن توفيني إياها في المدينة، يجوز؟ ننظر، يقولون: إذا كان لحمله مؤونة -وهذا لا يصح في مسألة النقود- فإنه لا يجوز؛ لأنه في هذه الحال يجر إلى الْمُقرِض نفعًا، وإذا لم يكن لحمله مؤونة كالأثمان فإنه يجوز؛ لأنه ما فيه نفع، لا زاد العدد، ولا زاد النوع، ولا شيء، إنما هو يريد أن يكون وفاؤه في بلده أحب إليه، والْمُقرِض من أهل المدينة.
ثم قال:(وفيما لحمله مؤونة قيمته إن لم تكن ببلد القرض أنقص).
(فيما لحمله) يعني إذا أقرضه شيئًا لحمله مؤونة، فله القيمة في بلد القرض. مثال ذلك: أقرضه مئة صاع بُرٍّ في مكة، وطالبه بها في المدينة، من المعلوم أن مئة صاع بُرٍّ لحملها مؤونة، أليس كذلك؟ بلى، فيقول المقترِض: لا يلزمني، ومكان الوفاء هو بلد القرض، وهذه لحملها مؤونة يشق عليَّ، فلا يلزمه أن يوفي.
وظاهر كلام المؤلف رحمه الله: لا فرْق بين أن يكون المطالَب به قيمته مساوية لبلد القرض أو مخالفة، إلا أنه استثنى وقال:(إن لم تكن ببلد القرْض)، يقول:(أنقص)، والصواب: أكثر؛ لأنه إذا كان الأنقص لم يأته ضرر، إذا كانت أنقص فلا ضرر عليه، ويلزمه أن يوفي.
مثال ذلك، المثال الأول: أقرضه مئة صاع بُرٍّ في مكة، وطالبه بها في المدينة، قيمتها في مكة مئتا ريال، قيمتها في المدينة ثلاث مئة ريال. يلزمه أن يُوفي بالمدينة أو لا؟
طالب: لا يلزمه.
الشيخ: لا، يلزمه يا أخي، هو الآن لن يوفي بُرًّا، له القيمة في بلد القرض، في بلد القرض كم؟ مئتان، وهنا في المدينة بثلاث مئة، إذن نقول: سلِّم مئتين الآن، ما عليك ضرر، ليس عليك ضرر. أما إذا كانت في مكة أكثر وقلنا: إن له قيمتها في مكة، فهنا لا يلزمه القيمة، ليش؟ لأنها ستزيد عليه، فماذا يرد الآن؟ يرد الْمِثْل. والظاهر أنكم ما فهمتم؟ !
طيب، المسألة الأولى: أقرضه مئة صاع بُرٍّ في مكة وطالبه بها في المدينة، ومئة صاع لحملها مؤونة، أليس كذلك؟