بسم الله الرحمن الرحيم (باب الرهن)، الرهن: مصدر رَهَنَ يَرْهَنُ رَهْنًا. وهو في اللغة: الحبْس، ويُطلق على الثبوت، فمن الأول قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر: ٣٨]، أي: محبوسة بما كسبت. {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور: ٢١]، أي: محبوس. وأما الثبوت فمنه قولهم: ماء راهن، أي: راكد ثابت. هذا في اللغة.
وأما في الاصطلاح: فهو توثِقة ديْن بعين يمكن استيفاؤه أو بعضه منها أو من بعضها.
أُعيد مرة ثانية: توثِقة ديْن بعين يمكن استيفاؤه أو بعضه، أي يعني أو استيفاء بعضه، منها أو من بعضها. هذا تعريفه اصطلاحًا.
فقولنا: توثِقة دَيْن بعين، مثاله: إنسان في ذمته لي ألف ريال، فأعطاني ما قيمته ألفا ريال رهنًا بالدَّيْن، هنا يمكن استيفاء الدَّيْن من بعض الرهن أو من كل الرهن؟
طلبة: من بعض الرهن.
الشيخ: من بعض الرهن، طيب.
مثال آخر: رجل في ذمته لي ألف ريال، وأعطاني رهْنًا يُساوي خمس مئة ريال، هذا يمكن استيفاء بعضه منها. وكله جائز، يعني سواء كان الرهن أكثر من الدَّيْن أو الدَّيْن أكثر من الرهن؛ لأنه إن كان الرهن أكثر من الدَّيْن فالتوثقة ظاهرة، وإن كان أقل من الدَّيْن فالتوثقة في بعض الدَّيْن خير من لا توثقة.
طيب، وقولنا:(توثقة دَيْن بعين) يُفيد أنه لا بد أن يكون الرهن عينًا، فإن كان دينًا فإنه لا يصح على كلام الفقهاء.
مثال ذلك: أنا أطلب فلانًا عشرة آلاف ريال، فأمسكته وقلت: أعطني عشرة آلاف ريال، قال: ما عندي، قلت: طيب، أنت تطلب فلانًا عشرة آلاف ريال، اجعل دَيْنَه الذي لك رهنًا لي. فهنا توثقة دَيْن بِدَيْن، فلا يصح؛ وذلك لأن الدَّيْن الذي في ذمة الآخر لا يجوز بيعُه إلا على من هو عليه، فإذا كان كذلك فإنه لا يصح أن يكون رهنًا.