وقيل: بل يصح أن يُوثَّق الدَّيْن بالدَّيْن، ويكون المدِين الثاني كأنه ضامن، يقول: نعم، أنا مستعد أن أوفيك ما في ذمتي لفلان إذا لم يوفك. وهذا هو الصحيح؛ لأنه يجب أن نفهم قاعدة مفيدة جدًّا: أن الأصل في المعاملات الحِلُّ والصحة ما لم يُوجد دليل على التحريم والفساد. وهذه من نعمة الله أن الطريق الموصل إلى الله الأصل فيه المنْع، يعني العبادات الأصل فيها المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة، وأما المعاملات بين الناس، فمن رحمة الله وتوسعته على عباده أن الأصل فيها الإباحة والحل إلا ما ورد الدليل على منعِه. وعلى هذا فنقول: ما المانع من أن نوثق الدَّيْن بالدَّيْن؟ أي مانع؟ ما دام ليس فيه مانع لا ظُلم ولا غرر ولا ربا؛ فالأصل الصحة.
طيب، الرهن من عقود التبرعات، المعاوضات، التوثقات؟
طالب: التوثقات.
طالب آخر: الثالث.
الشيخ: الثالث، نعم، من عقود التوثقات. وعقود التوثقة رهن وضمان وكفالة، ثلاثة أشياء: عقود توثقة رهن، وضمان، وكفالة.
الرهن يقول المؤلف:(يصح في كل عين يجوز بيعها)، الآن بيَّن المؤلف ما الذي يصح رهنه، وربما نأخذ من ذلك أيضًا ما حُكم الرهن؟
الأصل في الرهن الصحة كما قلنا، ودليله من كتاب الله، وسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والإجماع، والنظر الصحيح، فأدلته كم؟ أربعة: كتاب، سُنَّة، إجماع، نظر صحيح.
أما الكتاب، فقال الله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣].
وأما السُّنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ»(٧)، هذا دليل من السنة.