للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضي في الجامع: أما من فرضه المعاينة كأن يكون في المسجد يُشاهِد الكعبة ويُعاينُها، وأما من فرضه الإحاطة واليقين وإن لم يُعاين، فهو كمن كان بمكة من أهلها، أو مِنْ غيرهم، لكن كثُر مقامه فيها، ولكنه من دون حائِل عن الكعبة لأمر أصلي الخلقة كالمنازل والتلول؛ لأنه يتمكن من التوجُّه إلى عينها قطعًا، وإن كان من غير حائل، وهكذا من كان بالمدينة ففرضُه الإحاطة واليقين؛ لأنه يتوجَّه إلى محراب النبي صلى الله عليه وسلم فيُقطع على أنه متوجِّه إلى الكعبة.

وأما من فرضه الخبر فمن خفي عليه التوجه، وهناك من يُخبر عن الكعبة عن علم ويقين، وأما من فرضه التقليد، فمن خفِيت عليه الدلائل ولم يتوصل إلى القبلة بالدليل، وأما من فرضه الاجتهاد، فمن كان من مكة على مسافة لا يتوصل إلى المعاينة، ولا يتمكن من الإحاطة واليقين، ولا ممن يخبره عن إحاطة ويقين.

وأما من كان بمكة أو بالقرب منها من دون حائل عن الكعبة، فإن كان الحائل كالجبال والتلول ففرضه الاجتهاد أيضًا، وإن كان لا من أصل خلقة كالمنازل؛ ففرضه الإحاطة واليقين.

وكل من قلنا: فرضه الإحاطة أو اليقين أو الخبر عمل عليه، وكل من قلنا: فرضه الاجتهاد، فهل عليه الاجتهاد في طلب العين أو الجهة؟ على روايتين.

وذكر القاضي أن المشهور والصحيح عن الإمام أحمد أن عليه الاجتهاد في طلب الجهة، وأن علي بن سعيد قال: إنه مذهب الإمام أحمد، وكذا عند غيره من الأصحاب.

وذكر القاضي وغيره الفائدة التي ذكرها في المحرر على الروايتين، وأنه لو اختلف اجتهاد رجلين في الجهة الواحدة، لكن أحدهما يميل يمينًا، والآخر يميل شمالًا، فهل لأحدهما أن يأتمَّ بالآخر؟ ينبني على ذلك.

قوله: أو من مسجد الرسول ..

الشيخ: أحسنت، فيه عمومات، ما هي بصريحة؛ إنه إذا صار حائل سواء أصلي ولَّا طارئ؛ فإن فرضه الاجتهاد، وأنه إذا اجتهد، وبان الخطأ فلا إعادة عليه، وهذا عام يشمل من كان في المسجد، ومن كان خارج المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>