قال:(وكذا وديعة) وديعة هَرَبَ رَبُّهَا واحتاجت إلى تعمير وربُّها موجود، فهنا نقول: إن كان ربُّ الوديعة أَذِن لك في تعميرها فعمِّرْها، وترجع عليه أو لا؟ يرجع عليه؛ لأنه أَذِنَ له فهو وكيل، وإن لم يأذن له فهل يتعذر استئذانه؟ الجواب: إن كان يتعذر فإنه يرجع أيضًا؛ لأن تعميرها مما تدعو الحاجة إليه، وصاحبها الآن بعيد لا يمكن استئذانه، وإن كان يمكن وعمَّرها بلا إذن فعليه الضمان، ولا يرجع على المودِع؛ لأنه تمكن من استئذانه ولم يفعل.
كذلك (دواب مستأجرة) كيف دواب مستأجرة؟ إنسان عنده ناقة أجَّرها شخصًا يسافر عليها إلى مكة، وهرب الرجل، وتعلمون أن الدواب تحتاج إلى أيش؟ تحتاج إلى نفقة؛ تريد علفًا وشرابًا، هذا الرجل الذي استأجر الدواب قد أذن له ربُّها بأن ينفق عليها، فأنفق عليها وصار يشتري لها علفًا وماءً ويقوم برعايتها، أيرجع على ربها؟
طالب: نعم.
الشيخ: لماذا؟
الطالب: لأنه أذن له.
الشيخ: لأنه أذن له، فيكون وكيلًا عنه، فيرجع.
لم يأذن له ربُّها وتعذَّر استئذانه؛ لأن الحاجة مُلِحة في الإنفاق عليها عاجلًا وتعذر عليه أن يستأذن، فهنا أيضًا يرجع.
ثالثًا: إذا كان موجودًا وتسهل مراجعته وأنفق عليها بدون إذنه، فما الحكم؟ يضمن؛ بمعنى أنه لا يرجع بما أنفق على صاحب هذه الدواب.
لكن لو فُرِض أن هذا المستأجر ذبحها واحتفظ بلحمها لصاحبها، وادَّعى صاحبها أنها لم تصل إلى حالٍ يضطر فيها إلى ذبحها، وقال: أنت ذبحتها وهي صحيحة معافاة، فقال: إنه ذبحها بعد أن خاف أن تموت، فتفوت، فمن القول قوله؟ القول قول المستأجر؛ لأنه أمين، والقاعدة: أن كل إنسانٍ أمين فإنه يُقْبَل قوله فيما ائتمن فيه، وإلا لحصلت مشاكل كثيرة إذا لم نقل بقبول قوله.