للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفَصَّل بعضهم فقالوا: إن عمَره بما يكفي لتوثيق دينه؛ يعني فقط رجع، وإن كان بأزيد لم يرجع؛ لأنه ليس فيه ضرورة إلى أن يعمره بأكثر مما يُوثِّق الدين، فلو فرضنا أن الذي خرب غرفتان؛ لو صلَّح واحدة كفى لتوثقته في دينه، ولكنه هو عَمَر الثنتينِ جميعًا، فهو يرجع بالأولى ولا يرجع بالثانية إلا بالآلة فقط.

وهذا القول قول وسط بين القولين؛ أن يقال: إن المرتهن يرجع بقدر ما يتوثق به دينُه فقط، وأرجو أن يكون المثال واضحًا للجميع، واضح لكم؟ ما هو بواضح، طيب.

هذا رجل ارتهن بيتًا، وهذا البيت سقط جزءٌ منه، فقام بعمارته، مَنْ الذي قام؟ المرتهن قام بعمارته، فهل يرجع على الراهن الذي هو مالك البيت أو لا يرجع؟

نقول: إن كان بإذنه رجع؛ يعني إن كان صاحب البيت -وهو الراهن- قال للمرتهن: إن خرب شيء من البيت فقد أذنتُ لك في إصلاحه، فهنا يرجع بكُلِّ ما أنفق على البيت؛ من المواد وأُجرة العمال وغير ذلك.

إن كان لم يأذن له فإنه يرجع بما أنفق بالآلة فقط، الآلة عند المؤلف -يعني في لغة الفقهاء- الآلة هي المادة؛ مادة الشيء، فمثلًا هذا الرجل خَسِرَ إسمنتًا وحديدًا وأبوابًا، هذه نسميها أيش؟ آلة، يرجع بها؛ يعني: المرتهن يرجع على الراهن، يقول: الآن هذه بقيت لك، وهذه قيمتها، هذه فواتيرها، فيرجع بها، ما أنفق عليها سوى ذلك -كأجرة العمال، وجلب الماء لعجن الأسمنت، وما أشبه ذلك- هذا لا يرجع به؛ لأنه لم يبقَ؛ ذهب فلم يبق للراهن، فلا يرجع به.

في العلماء من يقول: بل يرجع به؛ يرجع بالآلة وبما أنفق على البناء؛ لأن هذا انتفع به المالك، وانتفع به المرتهن، كلاهما انتفع، فهو مصلحة للجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>