الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال رحمه الله تعالى:(باب الضمان) الضمان هو النوع الثاني من عقود التوثقة، والأول: الرهن.
والضمان مشتق من: الضِّمْن؛ أي: كون الشيء في ضمن الشيء الآخر؛ أي محتويًا عليه. وهو التزامُ جائزِ التصرف ما وجب على غيره أو يجب من حقٍّ مالي.
مثال الأول -التزام ما وجب-: أن يكون شخصٌ مدينًا لآخر بدراهم، فيمسكه صاحب الدين ويقول: أعطني ديني الآن، وإلا رفعت أمرك إلى السلطات، فيأتي إنسان من أهل الخير ويقول: أنا أضمنه؛ يعني: أضمن دَينه، هذا التزام ما وجب أو ما يجب؟ ما وجب.
ومنه: ضمان أبي قتادة رضي الله عنه دَين الميت الأنصاري حين قُدِّم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليصلي عليه فقال: «أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ » قالوا: نعم، فتأخر وقال:«صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، فقال أبو قتادة: الديناران عليَّ، فتقدم النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم فصلى عليه (١٠).
أما التزام ما يجب؛ فمثل أن يكتب شخص لآخر ورقة: أنا ضامنٌ كُلَّ ما يستدينه هذا الرجل من هذا المحل التجاري مثلًا؛ إنسان أراد أن يشتري بضاعة من صاحب دكان وليس معه فلوس، فجاء إلى رجلٍ آخر غنيٍّ فقال له: أنا أريد أن أشتري بضاعة من الدكان الفلاني، ولكن ليس معي فلوس، أعطني ورقة ضمان، فيعطيه ورقة ضمان، يقول: ما استدانه هذا الرجل من هذا المحل فضمانه عليَّ، هذا التزام أيش؟ التزام ما قد يجب، وهو لم يجب بعد.
وإنما توسع الفقهاء في ذلك من أجل التيسير على الناس حتى تسير أمورهم على سهولة؛ ولأن الأصل في المعاملات كُلِّها الحِل، إلا ما قام الدليل على منعه، وهذا مصلحة -أي: ضمان ما يجب مصلحة- فلا ينبغي أن يكون ممنوعًا، وإن كان فيه جهالة؛ لأنه قد يشتري شيئًا كثيرًا، وقد يشتري قليلًا، لكن نظرًا للمصلحة المترتبة على ذلك صار جائزًا.