للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن شاء الضامن حدَّد؛ قال: أنا أضمن ما اشترى من هذا التاجر في حدود ألف ريال مثلًا، هذا يكون ضمان شيء محدد، وهذا أولى؛ أي: أن الأولى للضامن إذا ضمن ما لم يجب أن يحدد مقدار ما يضمنه؛ لئلا يستدين المضمون شيئًا يُجْحِف بمال الضامن.

أما حكم الضمان فهل هو جائز أو ليس بجائز؟

فنقول: في حق المضمون عنه جائز؛ يعني: لو جاء شخص لآخر وقال: اضمني، فيجوز أن يقول: اضمني، كما يجوز أن يقول: أقرضني.

أما في حق الضامن فهو سُنَّة، مستحب؛ لأنه من الإحسان، والله يحب المحسنين، ولكنه سُنَّة بقيد؛ وهو قدرة الضامن على الوفاء، فإن لم يكن قادرًا فلا ينبغي أن تأخذه العاطفة في مساعدة أخيه لمضرة نفسه، فإن هذا من الغلط؛ ولهذا يوجد الآن أناس يَعرضون أحوالهم في أنهم غارمون، وسبب الغُرْم الضمان، فنقول: هذا غلط، لا تحسِن إلى غيرك وتسيء إلى نفسك؛ فإن هذا ليس من الحكمة.

يقول: (لا يصح إلا من جائز التصرف) (لا يصح) الفاعل يعود على الضمان، و (جائز التصرف) هو البالغ، العاقل، الرشيد؛ أي: من جمع ثلاثة أوصاف: أن يكون بالغًا، عاقلًا، رشيدًا.

فالبالغ ضده الصغير، والصغير لا يُعْطَى ماله، حتى وإن كان يحسن أن يتصرف فإنه لا يُعْطَى ماله؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦]، فاشترط الله لدفع المال شرطين؛ الأول: {إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}. والثاني: إذا آنسنا منهم رُشْدًا.

وما الرشد؟ الرشد هو إحسان التصرف في المال، هذا الرشد، والرشد في كُلِّ موضعٍ بحسبه؛ فمثلًا الرشد في الدين أيش؟ استقامة الدين، الرشد في باب الولي في النكاح: معرفة الكفء ومصالح النكاح، الرشد في المال: إحسان التصرف فيه؛ لأن هناك كلمات تُفَسَّر في كل موضع بما يناسبها.

إذن نقول: يُشْتَرط لجواز التصرف أن يكون بالغًا، وضد البالغ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>