للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتعليل ذلك: أن الضامن التزم وفاء الحق بدون شرط؛ يعني لم يقل الضامن حين ضمانه: إنْ تعذر استيفاؤك من المضمون عنه فأنا ضامن، ما قال هكذا، لو قال هكذا لكان المسلمون على شروطهم، لكن لم يقل، التزم التزامًا مطلقًا، فلرب الحق أن يطالبه.

وقيل: لا مطالبة لصاحب الحق في الضامن إلا إذا تعذَّر مطالبة المضمون بموتٍ أو غيبة أو مماطلة مع تعذر مطالبته أو فقره، إذا تعذر مطالبة المضمون عنه فله أن يطالب الضامن.

وحجة هؤلاء أنه لا يُرجع للفرع مع تمكُّن الاستيفاء من الأصل، وهذا اختيار شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله؛ أنه لا حق لصاحب الحق أن يطالِب الضامن إلا إذا تعذرت مطالبة المضمون بأيش؟ بموت أو غَيْبة أو مماطلة مع تعذر المطالبة أو فقر، فإذا تعذرت مطالبته يأتي ويطالب الضامن، سواءٌ في الحياة أو في الموت.

وعُلِمَ من كلام المؤلف أن المضمون عنه لا تبرأ ذمته لو التزم به الضامن، لو قال الضامن: أنا أضمن لك حقك علي، فإن ذمة المضمون عنه لا تبرأ؛ لأنه قال: له مطالبتهما جميعًا.

وقال بعض العلماء: بل إذا ضمن عن الميت برئت ذمة الميت؛ لأن الميت لا ذمة له، فإذا ضمن عنه صارت الذمة كم؟ واحدة ولَّا اثنتين؟ واحدة، وهي ذمة الضامن؛ لأن حيٌّ ذمته عامرة، بخلاف الميت.

واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضمن أبو قتادة الدينارين عن الميت تقدَّم وصلى عليه، حين التزم أبو قتادة قال: «حَقُّ الْغَرِيمِ وَبَرِئَ مِنْهُ الْمَيِّتُ؟ »، قالوا: فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «بَرِئَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ؟ »، فهذا يدل على أنه إذا ضمن ميتًا برئت ذمة الميت، كما قلنا في الرهن: إنه إذا مات الميت وعليه دينٌ برهن يوفي فإن ذمته بريئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>