للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا القول لا شك أن له قوته، حتى وإن صحت الرواية التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام لأبي قتادة: «أَوْفَيْتَ» أو «أَدَّيْتَ عَنْهُ؟ » قال: نعم، قال: «الْآنَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَتَهُ» (١١)، هذه اللفظة لا نعرف عن صحتها، لكن إن صحت فليس معنى ذلك أن ذمة الميت لم تبرأ؛ لأنه لولا أن ذمة الميت برئت ما صلى عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، بل إنه اشترط قال: «حَقُّ الْغَرِيمِ وَبَرِئَ مِنْهُ الْمَيِّتُ؟ » قال: نعم (١١).

نأخذ من العبارة هذه: (ولرب الحق مطالبته) أن صاحب الحق يطالب كُلًّا من الضامن والمضمون عنه سواءٌ تعذر الاستيفاء من المضمون عنه أم لم يتعذر.

والقول الثاني: ليس له مطالبة الضامن إلا إذا تعذر الاستيفاء من المضمون عنه. هذه واحدة.

ثانيًا: ظاهر كلام المؤلف أن من ضمن دين ميت فإن ذمة الميت لا تبرأ؛ بدليل أنه أجاز للمضمون له أن يطالب في تركة الميت، ولكن الذي يظهر أنه إذا التزم التزامًا كاملًا بغير نية الرجوع فإن ذمة الميت تبرأ، أما إذا التزم مع نية الرجوع فمعلوم أن ذمة الميت وإن برئت من الأول تعلق بها حق الثاني، لكن حق الثاني لا يتعلق بذمة الميت وإنما يتعلق بالتركة.

ثم قال: (فإن برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن لا عكسه) (إن برئت ذمة المضمون عنه) بماذا تبرأ؟ تبرأ بإيفائه، المضمون عنه أوفى، برئت ذمة الضامن؛ لأن الضامن فرع، فإذا برئ الأصل برئ الفرع.

تبرأ ذمة المضمون عنه بالإبراء، نحن قلنا: إذا برئ المضمون عنه برئت ذمة الضامن، فقلنا: بماذا تبرأ ذمة المضمون عنه؟ تبرأ بشيئين: إما بالإيفاء، وإما بالإبراء، الإبراء ممن؟ من صاحب الحق، صاحب الحق لما عرف أن المضمون عنه فقير وأنه ليس يرجو أن يحصل المال عنده عن قرب قال: قد أبرأتك من دينك، تبرأ ذمة الضامن؛ لأن المضمون عنه أصلٌ والضامن فرع، وإذا برئ الأصل برئ الفرع.

(لا عكسه) يعني: لو برئت ذمة الضامن فإنها لا تبرأ ذمة المضمون عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>