للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول رحمه الله: (ويعتبر رضا الكفيل لا مكفول به) (يعتبر رضا الكفيل) معلوم؛ لأنه سوف يلتزم بحق، وهذا إذا لم يرضَ بذلك فإنه لا يُلزم به. والمكفول له يُعتبر رضاه؟

طالب: لا.

الشيخ: أصله لا يمكن الكفالة إلا بطلب منه، فإذا تقدم إنسان بيكفل، وقال المكفول له: لا، ما حاجة تكفل فلانًا، أنا أعرفه، فهنا لا كفالة؛ لأن المكفول له يجوز له إسقاط الكفالة بعد ثبوتها، فعدم قبولها من أول الأمر من باب أوْلى.

المكفول؟ المؤلف عبَّر رحمه الله بقوله: (لا مكفول به)، والمكفول به في الواقع هو الدَّيْن أو الحق، والعبارة السليمة: (لا مكفولٍ)، يعني لا يعتبر رضا المكفول، فلو قال إنسان لشخص: أنا أكفل فلانًا، فقال المكفول: أنت تكفلني؟ ! أنا أوثق منك عند الناس وأنا أوْفى منكَ، وأنا أعلى منك نسبًا، وأنا أعلى منك حسبًا، أنت تكفلني؟ ! ويش أنت؟ ! فهُنا يقول: أنا لا أرضى أن تكفلني، فهل يُعتبر؟

ما يُعتبر؛ لأن هنا حقًّا للمكفول له، وحقًّا على الكفيل، فهما صاحبا الحق، أما المكفول فليس له حق، لكن كما قلت لكم في الضمان: إذا كان يترتب على هذا سوء السمعة بالنسبة للمكفول، فإنه لا يجوز أن يتقدم أحد في كفالته؛ لأن ذلك يضر بسُمعته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (٢).

ثم قال المؤلف: (فإن مات أو تلفت العين بفعل الله أو سلَّم نفسه برئ الكفيل).

(إن مات) الضمير يعود على المكفول: إن مات برئ الكفيل. حتى من الدَّيْن؟

نعم، حتى من الدَّيْن؛ لأنه لما مات المكفول هل يمكن إحضاره؟ لا يمكن إحضاره. فإن طالب من له الحق بإحضاره، قال: تفضل، إلى المقبرة، وأوقفك عند داره، واستأذن، وخذ حقك منه. هكذا يُقال؟ لا، هذا لا يمكن. ولو قيل هذا القول له، لقال: هذا سخرية بي. فيُقال: إذا مات المكفول برئ الكفيل، وهذا من الفروق بين الكفالة والضمان، الضمان إذا مات المضمون لم يبرأ الضامن، أما الكفالة فإذا مات المكفول برئ الكفيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>