للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك القصاص، من عليه قِصاص، بأن يكون قاتلًا، وطالَب أولياء المقتول بقتله، وثبت ذلك، وأردنا أن نقتُله، فقال: ذروني أذهب إلى أهلي لأكتب وصيتي، وأخبرهم بما عليَّ من الديون أو غيرها، ثم أرجع، فقيل له: من يكفلك؟ قال: يكفلني فلان. نقول: هذا لا يصح؛ لأنه لو تعذر حضور هذا الذي وجب عليه القصاص لم نتمكن من استيفائه من الكفيل.

لكن لاحظوا أن القصاص أهون؛ لأنه إذا تعذر القصاص رجعنا إلى الدية، والدية يمكن أن يقوم بها الكفيل، ولهذا من صحَّح الكفالة في الحد ممن يستطيع إحضار المكفول، فإنه يُصحِّح الكفالة فيمن عليه قصاص من باب أوْلى؛ وذلك لأنه إذا تعذر القصاص بعدم حضور المكفول فإنه يمكن أن يعاد إلى الدية.

لكن المذهب هو ما سمعتم: أنه لا يمكن الكفالة؛ أي كفالة بدن من عليه قصاص. وجه ذلك أنه لو تعذَّر حضور المكفول لم نتمكن من استيفاء القصاص من الكفيل، فتكون الكفالة لا فائدة منها. ما هي القاعدة في هذا؟

القاعدة في هذا تُؤخذ من التعليل، كل شخص لا يمكن الاستيفاء منه لو تغيَّب الكفيل فإنه لا يصح أن يكفل.

مثال آخر: امرأة أمسكت بزوجها وقالت: إنك لا تقسم لي، لها ضَرَّة، وقالت: أنت لا تقسم لي، الليلة المقبلة لي -تقول ها المرأة هذا- وأنت ما تحضر، ما حضرت قبل ليلتين، ولا قبل أربع ليال، ما تحضر، والآن لا بد من المحاكَمة، فقال لها: أمهليني، قالت: لا أمهلك، فقام رجل فقال: أنا أكفل الرجل أن يحضر إليك. أتصح الكفالة؟

طلبة: لا تصح.

الشيخ: ليش؟

الطلبة: ( ... ).

الشيخ: لأنه لو لم يحضر فإن الكفيل لا يمكن أن يقوم مقام المكفول، فالقاعدة هي هذه، القاعدة: أنه متى تعذر الاستيفاء من الكفيل فإن الكفالة لا تصح، وذلك لعدم الفائدة منها، وأحكام الله لا تُؤخذ باللعب واللغو الذي لا فائدة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>