للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الدَّيْن، قال: (وببدن من عليه دَيْن)، تصح الكفالة ببدن من عليه الدَّيْن، كرجل في ذمته لشخص ألف ريال، فطالبه صاحب الحق، أمسك به، قال: أوفني، ولكنه ليس معه شيء، فقال: سوف أرفعك إلى الجهات المسؤولة، فتقدم إنسان محسِن، وقال: أنا أكفل الرجل، أو أكفل الدَّيْن؟

طلبة: الرجل.

الشيخ: الرجل؛ لأنه لو قال: أنا أكفل الدَّيْن صار ضامنًا، لكن: أنا أكفل الرجل، يعني إحضاره، يصح.

ولا فرق في الدَّيْن بين أن يكون عن قرض، أو عن إجارة، أو عن قيمة مُتلَف، أو قيمة مبيع، أو صداق، أو غير ذلك. المهم أن يكون الدَّيْن ثابتًا، فتجوز الكفالة ببدن من عليه دين.

(لا حد ولا قصاص) يعني لا من عليه حد أو قصاص؛ من عليه حد كرجل سارق أمسكته الجهات المسؤولة لتقطع يده، فقال: ذروني أذهب إلى أهلي، وأخبرهم بهذا الشيء بأني مستحق لقطع اليد، فقالت الجهات المسؤولة: لا نتركه، لا بد من القطع الآن، فقال: لي من يكفلني، فلان، يكفل أن أرجع، فتقدم رجل محسِن وقال: أنا أكفله، فلا يصح أن يكفله؛ لأنه لو تعذَّر الاستيفاء من السارق، لم يمكن الاستيفاء من الكفيل، فأي فائدة إذن؟ أي فائدة في الكفالة؟ لا فائدة في الواقع.

قد يقول قائل: بل في ذلك فائدة؛ لأن هذا الرجل الذي كفله له سلطة، فهو أمير قومه، وهذا الرجل من قومه، ويستطيع أن يحضره، وتعذُّر إحضاره أمر طارئ، وإلا فالأصل أن هذا الكفيل قادر على إحضاره، وبناءً على هذا يمكن أن يُفرَّق بين شخص له القدرة التامة على إحضار بدن من عليه حد، وبين شخص عادي لا يستطيع، فالأول قد يقال بصحة كفالته، والثاني لا تصح لا شك.

لكن المشهور من المذهب الذي مشى عليه المؤلف: أنه لا يصح كفالة مَنْ عليه حد بأي حال من الأحوال؛ والعلة في ذلك ما ذكرنا أولًا: وهي تعذُّر الاستيفاء من الكفيل، لو تعذر الاستيفاء من المكفول.

<<  <  ج: ص:  >  >>