الصلح مصدر صَالَحَ يصالح صُلْحًا، ويُشتق منه أيضًا: أصلح يُصْلِح إصلاحًا، والصلح عقدٌ يحصل به قطع النزاع بين المتخاصِمين؛ هذا هو الأصل، وله أنواعٌ كثيرة، ويتعلق بجميع الحقوق المالية وغيرها، كلها يمكن أن يقع فيها الصلح، قال الله تبارك وتعالى:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا}[النساء: ١٢٨]، وهذا فيما بين الزوجين من حقوق، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صالح المشركين في غزوة الحديبية، وهذا فيما يقع بين المسلمين والمشركين من العهود.
المهم أن الصلح جارٍ في كل شيء، بين كل متعاقدين، وهو كما جاء في الحديث المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول:«الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» يعني: في كل شيء، و «جَائِزٌ» بمعنى: نافذ، «إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا»(٣)؛ يعني: فإنه لا ينفذ.
وهو أنواع، منها: الصلح على إقرار، وقد بيَّنه المؤلف رحمه الله بقوله:(إذا أقر له بدين أو عين فأسقط أو وهب البعض وترك الباقي صَحَّ).
(إِذَا أقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ) بأن قال: في ذمتي لك ألف ريال، (أو عين) بأن قال: هذا المسجِّل لك، (فأسقط) يعود على الدين، (أو وهب) يعود على العين، ففيه لفٌّ ونشر مرتَّب؛ لأنه أعاد الأول على الأول والثاني على الثاني، وهناك لفٌّ ونشر غير مرتب، بأن يُذكَر ما بعده، فيبدأ بما يعود على الثاني، ثم بما يعود على الأول، قال الله تعالى: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: ١٠٥، ١٠٦]، {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ}[هود: ١٠٨]، هذا يسمى لفًّا ونشرًا مرتَّبًا.