إذن ماذا نصنع؟ نجعل المطر يصب في داخل البيت ويخرج من أسفل، وهذا ظاهر كلام المؤلف أنه لا يجوز مطلقًا، سواء كان في ذلك أذية وضرر أم لا، وسواء كان بإذن ولي الأمر في البلد أم لا.
والصحيح خلاف ذلك، الصحيح أن له إخراج الميازيب بشرط ألَّا يحصل بها ضرر؛ لأن هذا عادة الناس حتى في عهد النبي عليه الصلاة والسلام الميازيب تكون في الشارع على الأسواق.
فالصواب أنه يجوز أن يُخرج الميزاب بشرط ألَّا يكون في ذلك ضرر، الضرر بأن يكون الميزاب نازلًا يضرب رأس الراكب وما أشبه ذلك.
فإن قال قائل: الضرر لا بد أن يكون في الميزاب؛ لأنه إذا جاء المطر فسوف يصب على المارة؟ فيقال: هذا أولًا: ليس دائمًا.
وثانيًا: الناس في أوقات المطر الشديد الذي تصب الميازيب منه سوف يكونون في البيوت لا يخرجون، وهذا ضرر مغتَفَر في جانب المصلحة التي تكون للناس.
***
يقول:(ولا يفعل ذلك في ملكِ جارٍ ودربٍ مشترَك إلا بإذن المستحق).
هذا النوع الثاني من الدروب، الدرب المشترك هو الذي ليس بنافذ، فالشارع الذي ليس بنافذ مشترَك للجيران، هم أهل الحق فيه، فلا يجوز أن يُخْرِج هذه الأشياء الأربعة التي هي: الرَّوْشَن، والساباط، والدَّكَّة، والميزاب، إلا بإذن المستحِق.
مَنْ هم المستحِقُّون؟ هم الذين لهم أبواب شارعة على هذا الدَّرْب؛ هؤلاء هم المستحِقُّون، وليس الذين لهم بيوت على الدرب؛ لأن من له بيت على الدرب وليس له باب هذا لا حق له في الدرب، لكن إذا كان له باب فله الحق في الدرب، فلا يجوز إخراج هذه الأربعة إلا بإذنهم، فإذا أذنوا فالحق لهم، وإن لم يأذنوا فإنه لا يحل له ذلك.
لكن يختلف هذا عن الدرب النافذ بأن الواحد منهم لا يُخرِج بابًا أدنى من بابه إلا بإذن الآخرين، يعني: لو كان أحد هؤلاء المشترِكين في الدرب له باب في أوله، فأراد أن يحوِّله إلى آخره، فليس له ذلك؛ لأنه لا يملك من هذا الدرب إلا ما كان محاذيًا لبابه، أو أدنى منه لفَمِ الدرب.