للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المصنف رحمه الله تعالى في باب الحجر: وإن تصرَّف في ذمته أو أقرَّ بديْن أو جناية توجب قودًا أو مالًا صحَّ، ويطالب به بعد فكِّ الحجْر عنه، ويبيع الحاكم ماله. ويقسم ثمنه بقدْر ديون غرمائه، ولا يحلُّ مؤجَّل بفلس ولا بموت إن وثق الورثة برهن أو كفيل مليء، وإن ظهر غريم بعد القسمة رجع على الغرماء بقسطه، ولا يفك حجره إلا حاكم.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

سبق لنا الكلام على أول باب الحجر، وبيَّنا أن الحجر هو منْع الإنسان من التصرف في ماله، ويكون لحظ نفسه، ويكون لحظ غيره، فالحجْر على السفيه والصغير والمجنون لحظِّ نفسه، أي لحظ المحجور عليه، والحجْر على الْمُفَلَّس الذي عليه ديْن لا يستطيع وفاءه حجْر لحق الغير. ونحن الآن في هذا القسم من الحجْر.

قال المؤلف فيما يترتب على هذا الحجْر: (ولا ينفذ تصرُّفه في ماله بعد الحجْر ولا إقراره عليه).

طالب: (وإن تصرَّف في ذمته).

الشيخ: نعم، قال: (وإن تصرَّف في ذمته) المحجور عليه لا يصح تصرفه في عين ماله، فإذا حجرنا على الرجل لوجود ديْن عليه أكثر مما معه، فإنه لا يُمكن أن يبيع شيئًا من ماله ولو قلَّ، لا يمكن أن يبيع قلمًا ولا ساعة ولا غيرهما؛ لأن أعيان ماله تعلق بها حق الغرماء، لكن إن تصرف في ذمته فلا بأس.

ومعنى (تصرَّف في ذمته) يعني استقرض من شخص شيئًا، فلا حرج، فهذا الرجل الذي حجرنا عليه لو احتاج إلى شيء، مال، واستقرض من غيره فلا حرج.

لعل الصورة واضحة لكم إن شاء الله، أو ما هي واضحة؟

طيب، هذا رجل عليه ديَنْ يبلغ عشرة آلاف، والمال الذي عنده يساوي ثمانية آلاف، الآن نحجر عليه أو لا؟ نحجر عليه؛ حجرنا عليه وقلنا: الآن لا تتصرف في مالك، الرجل استقرض من شخص مالًا، فالقرض هنا صحيح؛ لأنه لم يتصرف في المال الذي حجرنا عليه فيه، وإنما تصرف في ذمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>