فصيح اللسان يقول الشعر، وذكر لي عبيد الله بن أحمد الصيرفي عمن حدثه أن القاضي أبا العباس الأبيوردي كان يصوم الدهر وأن غالب إفطاره كان على الخبز والملح وكان فقيراً يظهر المروءة، قال: ومكث شتوة كاملة لا يملك جبة يلبسها، وكان يقول لأصحابه: بي علة تمنعني عن لبس المحشو، فكانوا يظنونه يعني المرض وإنما كان يعني بذلك الفقر ولا يظهره تصوناً ومروءة، وكانت ولادته في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، ومات في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وأربعمائة، ودفن من الغد في مقبرة باب حرب.
"الآبي": بفتح الألف والباء الموحدة مشددة، هذه النسبة إلى أب وهي مدينة باليمن، منها أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الفياض بن علي بن محمد بن الفياض الأبي الهاشمي، كان من الفضلاء، قرأت بخط أبي "القاسم" هبة الله بن عبد الوارث بن علي الشيرازي في معجم شيوخه، أنشدني عبد الله بن الحسن بن الفياض لنفسه بمدينة أب باليمن:
وعد الكريم رهينة بمقاله … فإذا تأخر عقه بمطاله
ولقد وعدت بما وعدت فجد به … فالمال ينفد والثناء بحاله