في حرب الأزارقة تسع عشرة سنة إلى أن فرغ من أمرهم في أيام الحجاج؛ ومات نافع قبل وقائع المهلب مع الأزارقة وبايعوا بعده قطري بن الفجاءة وسموه أمير المؤمنين، وكان نافع أول من أحدث الخلاف بين الخوارج وذلك أنه أظهر البراءة من القعدة عن اللحوق بعسكره وإن كان موافقاً له على دينه وأكفر من لم يهاجر إليه وأوجب على أصحابه امتحان من قصد عسكره، وقيل: إنه أخذ هذا القول عن رجل من أصحابه يقال له عبد الله بن الوضين وكان نافع قد خالفه وبرئ منه، فلما مات ابن الوضين صار نافع إلى قوله وزعم أن الحق كان معه ولم يكفر نفسه بخلافه إياه حين خالفه وأكفر من يخالفه فيما بعده وهذا من أعجب بدع الأزارقة أن يكون قول في وقت كفراً وفي وقت آخر لم يكن كفراً، ولما انتشرت الأزارقة أظهرت في اتباعها أن علياً ﵁ هو الذي أنزل الله فيه:"ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام" وأن ابن ملجم هو الذي أنزل الله فيه: "ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد" وقال عمران بن حطان وهو مفتي الخوارج وزاهدها وشاعرها الأكبر في ضربته علياً ﵁ هذين البيتين:
يا ضربة من منيب ما أراد بها … إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوماً فأحسبه … أوفى البرية عند الله ميزانا
وعلى هذه العقيدة مضى أسلاف الأزارقة.
الأزركاني: أبو عبد الرحمن عبد الله بن جعفر الأزركاني ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الشيرازي الحافظ في تاريخ فارس