الحديث، وهو من هذا الدرب، وكان من مشاهير العلماء ومن مذكوري العلماء الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة ولقي العلماء، سمع محمد بن عبد الله الأنصاري وأبا زيد النحوي وعبيد الله بن موسى وهوذة بن خليفة وأبا مسهر الدمشقي وعثمان بن الهيثم المؤذن وسعيد بن أبي مريم المصري وأبا اليمان الحمصي في أمثالهم، كان أول كتبه الحديث في سنة تسع ومائتين، روى عنه الأعلام الأئمة مثل يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المصريين وهما أكبر منه سناً وأقدم سماعاً وأبوا زرعة - الرازي والدمشقي ومحمد بن عوف الحمصي - وهؤلاء من أقرانه، وعالم لا يحصون؛ وذكر أبو حاتم وقال: أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ لم أزل أحصي حتى لما زاد على ألف فرسخ تركته؛ وقال أبو حاتم قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من أغرب علي حديثاً غريباً مسنداً صحيحاً لم أسمع به فله علي درهم يتصدق به - وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الخلق أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقي علي ما لم أسمع به فيقول هو عند فلان فأذهب فأسمع، وكان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي فما تهيأ لأحد منهم أن يغرب علي حديثاً. وكان أحمد بن سلمة يقول ما رأيت بعد إسحاق - يعني بن راهويه - ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث ولا أعلم بمعانيه من أبي حاتم محمد بن أدريس. قال أبو حاتم قال لي هشام بن عمار يوماً أي شيء يحفظ علي الأذواء قلت له: ذو الأصابع، وذو الجوشن، وذو الزوائد، وذو اليدين، وذو اللحية الكلابي - وعددت له ستة، فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة، وزدت أنت ثلاثة. مات أبو حاتم بالري في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين.