فقال لوالدته: لقد رأيت ولدك في حالة ما رأيت أحداً من أهل العلم والفقه عليها، فقالت أمه: أيما أحب إليك ثلاثون ألف دينار أو هذا الذي هو فيه من الجاه؟ قال: لا والله إلا هذا، قالت: فإني قد أنفقت المال كله عليه، قال: فوالله ما ضيعته. وقال بعضهم: مكث ربيعة دهراً طويلاً عابداً يصلي الليل والنهار صاحب عبادة، ثم نزع ذلك إلى أن جالس القوم فجالس القاسم فنطق بلب وعقل، قال: فكان القاسم إذا سئل عن شيء قال: سلوا هذا ربيعة، قال: فإن كان شيئاً في كتاب الله أخبرهم به القاسم أو في سنة نبيه وإلا قال: سلوا هذا لربيعة أو سالم؛ وكان يحيى بن سعيد كثير الحديث فإذا حضر ربيعة كف يحيى إجلالاً لربيعة وليس ربيعة بأسن منه، وهو فيما هو فيه وكان كل واحد مجلاً لصاحبه، ومات ربيعة سنة ست وثلاثين ومائة؛ وقال مالك بن أنس: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وأبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان التيمي الكوفي صاحب الرأي وإمام أصحاب الرأي وفقيه أهل العراق، رأى أنس بن مالك وسمع عطاء بن أبي رباح وأبا إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار وحماد بن أبي سليمان والهيثم بن حبيب وقيس بن مسلم ومحمد بن المنكدر ونافعاً مولى ابن عمر ﵄ وهشام بن عروة وسماك بن حرب، روى عنه هشيم بن بشير وعباد بن العوام وعبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح ويزيد بن هارون وأبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني وعمرو بن محمد العنقزي وهوذة بن خليفة وأبو عبد الرحمن المقرئ وعبد الرزاق بن همام وغيرهم، وهو كوفي تيمي من رهط حمزة بن حبيب الزيات، ولد بالكوفة ونقله أبو جعفر المنصور إلى بغداد فسكنها إلى حين وفاته، قيل إن أباه ثابت بن النعمان بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار ذهب إلى علي بن أبي طالب ﵁ وهو صغير فدعا له