ومع ذلك ففيه أوهام قد نبهت على ما انتهت اليه معرفتي منها وهي في مواضعها فشرعت حينئذ في اختصار الكتاب والتنبيه على ما فيه من غلط وسهو، فلا يظن ظان ان ذلك نقص في الكتاب أو في المصنف كلا واللَّه، وإنما السيد من عدت سقطاته وأخذت غلطاته فهي الدنيا لا يكمل فيها شيء،
وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال:«حق على اللَّه ان لا يرفع شيئا من الدنيا الا وضعه»
ليس المعنى بوضعه اعدامه وإتلافه، انما هو نقص يوجد فيه، وسياق الحديث يدل عليه، وكيف يكمل تصنيف واللَّه تعالى يقول عن القرآن العزيز:(وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
ثم ذكر ابن الأثير أشياء وضعت في بعض المواضع من الأنساب على خلاف الأولى. منها أنه حيث يتعدد المنسوب إليه للنسبة الواحدة قد يضطرب سياق الأنساب، ومنها أنه قد يذكر الرجل مرتين أو ثلاثا فيوهم التعدد. وذكر ابن الأثير بعض أمثلة ذلك وهو قليل في الأنساب.
ومما يحسن التنبيه عليه أن أبا سعد كثيرا ما يسوق عبارات ابن حبان في الجرح والتعديل فتارة يعزوها اليه وتارة يسوقها بدون عزو: وكثيرا جدا ما يسوق عبارة بعض الكتب كتاريخ بغداد للخطيب وتاريخ نيسابور للحاكم ملخصة وكثيرا ما لا يعزوها، وأغرب من ذلك أنه بعد التلخيص قد يبقى ضمائر المتكلم كما هي كأن يكون في عبارة الحاكم في ذكر شخص «سمعت منه» فيلخص أبو سعد العبارة بلا غزو ويبقى فيها «سمعت منه» يقع مثل هذا سهوا والقرائن تبين الحال فإنه يذكر في مثل هذا وفاة ذاك الرجل وهي قبل ولادة أبى سعد بعشرات السنين أو نحو هذا من القرائن. وقريب من هذا أنه عند التلخيص قد يترك بعض الألفاظ على حالها في أصل العبارة من جهة الإعراب مع أنها في سياق تلخيصه تستحق غير ذلك. وعلى كل حال فليس في هذا وما يشبهه ما ينقص قيمة الكتاب، وقد نبهت في التعليق على ما نبه عليه صاحب اللباب وما ظهر لي وأسأل اللَّه التوفيق.