وحكى ابن الحاكم الشهيد أنه لم يزل يدعو في صلاته وأعقابها بدعوات ثم يقول: اللهم ارزقني الشهادة إلى أن سمع عشية الليلة التي قتل من غدها جلبة وصوت السلاح، فقال: ما هذا؟ وقالوا: غاغة العسكر قد اجتمعوا يؤلبون ويلزمون الحاكم الذنب في تأخير أرزاقهم عنهم، فقال: اللهم اغفر، ثم دعا بالحلاق فحلق رأسه، وسخن له الماء في مضربه ذلك، فتنور ونظف نفسه، واغتسل، ولبس الكفن، ولم يزل طول ليلته تلك يصلي، فأصبح وقد اجتمعوا إليه، فبعث السلطان إليهم يمنعهم عنه، فخذلوا أصحاب السلطان، وكبسوا الحاكم، فقتلوه وهو ساجد! ﵀، واستشهد الحاكم على باب مرو في مضربه، وقد اغتسل ولبس الكفن وصلى صلاة الصبح، والكتب بين يديه وهو يصنف بضوء الشمع، في شهر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وكان ﵀ حفظ ستين ألف حديث من حديث رسول الله ﷺ، وتصانيفه تدل على فضله، كـ "الكافي" و "المنتقى" و "شرح الجامع" و "أصول الفقه". وقيل: لما اختصر كتاب الكافي الذي صنفه الإمام الرباني محمد بن الحسن الشيباني رآه في المنام فقال له محمد: مزق الله جلدك كما مزقت كتابي. فاستجاب الله دعاء محمد بن الحسن عليه، فاستشهد في آخر عمره. ويقال: أن رجلاً رأى ليلة في المنام ناراً نزلت من السماء على قبر الحاكم الشهيد، فجاء كتاب الكافي وصار برزخاً بين القبر والنار حتى رجعت النار.