ببغداد، أنشدنا أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي، أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن ماكولا لأبي بكر الخُوارَزمِيّ الطبري، من طبرية الشام، نسيب قصيدة في الصاحب أبي القاسم بن عباد:
ولما رأيت الإلف يعزم للنوى … عزمت على الأجفان أن تترقرقا
قال المقدسي: وزاد في فخر الرؤساء أبو المظفر الأبيوردي:
وخُذ حجتي في ترك جيبي سالماً … وقلبي ومن حقيهما أن يُشققا
يدي ضعفت عن أن تُمزق جيبها … وما كان قلبي حاضراً فيُمزَّقا
وأبو بكر الخوارزمي: طبري الأب من طبرستان آمل، خوارزمي الأم، فنسب إلى البلدتين جميعاً، وهو يذكر ذلك في "رسائله" وليس من طبرية الشام، غير أنه أقام بالشام مدة: بحلب ونواحيها.
وأبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، من ساكني بغداد، استوطنها إلى حين وفاته، وكان أحد الأئمة العلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظاً لكتاب الله عارفاً بالقراءآت، بصيراً بالمعاني، فقيهاً في أحكام القرآن، عالماً بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفاً بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في "تاريخ الأمم والملوك" وكتاب في "التفسير" لم يصنف أحد مثله، وكتاب سماه "تهذيب الآثار" لم ير سواه