للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال محمد بن سماعة: كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث، فصلى معنا يوماً الصبح، وكان يوم مجلس محمد، فلم أفارقه حتى جلس في المجلس، فلما فرغ محمد أدنيته إليه، وقلت: هذا ابن أخيك أبان ابن صدقة الكاتب ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه اليك فيأبى، ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه وقال: يا بني، ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذٍ عن خمسة وعشرين باباً من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنه، ويخبره بما فيها من المنسوخ، ويأتي بالشواهد والدلائل، والتفت الي بعد ما خرجنا فقال: كان بيني وبين النور سترٌ فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزوماً شديداً حتى تفقه.

قال أبو حازم القاضي: ما رأيت لأهل بغداد حدثاً أذكى من عيسى بن أبان، وبشر بن الوليد. وقال أبو حازم: كان عيسر رجلاً سخياً جداً، وكان يقول: والله لو أتيت برجل يفعل في ماله كفعلي في مالي لحجرت عليه. قال: وقدم إليه رجل محمد بن عباد المهلبي، فأدعى عليه أربعمائة دينار، فسأله عيسى عما ادعى عليه، فأقرَّ له بذلك، فقال له الرجل: احبسه لي، فقال له عيسى: أما الحبس فواجب ولكن لا أرى حبس أبي عبد الله، وأنا أقدر، على فدائه من مالي. فغرمها عنه عيسى من ماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>