أحسن طهارة وصلاة منه، ولقد صحبته قريباً من ثلاثين سنة في الحضر والسفر وفي الحر والبر وما رأيته ترك صلاة الليل، وكان يقرأ كل ليلة سبعاً من القرآن ولا يفوته ذلك، وكانت صدقاته دائمة في السر والعلانية فيعيش بمعروفه جماعة من أهل العلم والستر، ولما وقع الاستنفار لطرسوس دخلت عليه وهو يبكي ويقول: قد دخل الطاغي ثغر المسلمين طرسوس وليس في الخزانة ذهب ولا فضة؛ ثم باع ضيعتين نفيستين من أجل ضياعه بخمسين ألف درهم وأخرج عشرة من الغزاة المطوعة الأجلاد بدلاً عن نفسه؛ وما أعلم أنه خلا رباط فراوة قط عن بديل له بها فارس شهم للنيابة عن نفسه. ولد أبو أحمد التميمي سنة ثمان وثمانين
ومائتين، وتوفي صبيحة يوم الأحد الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وأوصي أن يغسله أبو الحسن الفقيه الحاتمي ويصلي عليه أبو أحمد الحافظ وأن يلحد له لحداً وينصب عليه اللبن نصباً، وأن لا يبني فوق قبره. وأبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسن بن بندار بن المثني التميمي الإستراباذي العنبري من أهل إستراباذ، قيل هو كذاب يروي عن أبيه، وأبوه أبو الحسن من الكذابين أيضاً، له رحلة إلى الشام والعراق والحجاز، ويروي عن شيوخ كثيرة مثل أبي عبد الله محمد بن إسحاق الرملي وابن كرمون الأنطاكي، روى عنه ابنه أبو سعد وأبو حاجب محمد بن إسماعيل بن كثير الاستراباذي وهو آخر من روى عنه فيما أظن، قال أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي: أبو سعد الاستراباذي التميمي كذاب، وأبوه كذاب، أيضاً، يروي عن أبي بكر الجارودي، وكان هذا الجارودي يروي عن يونس بن عبد الأعلى وطبقته الذين ماتوا بعد الستين