للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة التنوخي المعري من أهل معرة النعمان، كان حسن الشعر، جزل الكلام، فصيح اللسان، غزير الأدب، عالماً باللغة حافظاً لها، صنف التصانيف الكبار وأملاها من حفظه، وكان ضريراً عمي في صباه، وكان يتزهد ولا يأكل اللحم ويلبس خشن الثياب، وصنف كتباً في اللغة وقيل أنه عارض سوراً من القرآن، وحكي عنه حكايات مختلفة في اعتقاده حتى رماه بعض الناس بالإلحاد وشعره المعروف بسقط الزند سائر مشهور، سمع الحديث اليسير وحدث به، روى عنه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي القاضي وأبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي وأبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري وأبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي وجماعة كثيرة سواهم وحكي تلميذه أبو زكريا التبريزي أنه كان قاعداً في مسجده بمعرة النعمان بين يديه يقرأ عليه شيئاً من تصانيفه قال: وكنت قد أقمت عنده سنين ولم أر واحداً من أهل بلدي فدخل معنا صفة المسجد بعض جيراننا للصلاة فرأيته وعرفته وتغيرت من الفرح، فقال لي أبو العلاء أي شيء أصابك فحكيت له أني رأيت جاراً لي بعد أن لم الق أحداً أهل بلدي منذ سنين؛ فقال لي قم وكلمه، فقلت له حتى أتمم السبق؛ فقال: قم، أنا أنتظرك؛ فقمت وكلمته بلسان الأذربية شيئاً كثيراً إلى أن سألت عن كل ما أردت، فلما رجعت وقعدت بين يديه قال لي: أي لسان هذا؟ قلت: هذا لسان أهل أذربيجان؛ فقال: ما عرفت اللسان ولا فهمته غير أني حفظت ما قلتما، ثم أعاد علي لفظاً بلفظ ما قلنا، وجعل جاري يتعجب غاية العجب ويقول: كيف حفظ شيئاً لم يفهمه! وكانت ولادته في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين