للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابنُ بطال بناه على أنَّه أخطأ في تقديم حقّ الصلاة؛ لإباحة الكلام إذ ذاك (١)، ونظرُ جريجٍ المشهودِ له بالكرامةِ والتشديد أولى أن يُصَوَّب.

فإن قلت: إن كان مصيبًا في نظره، ووُوخِذ (٢) بإجابة الدعوة فيه، لزم التكليفُ بما لا يطاق.

قلت: هذا لازم، ولو قلنا: إنه كان مخطئاً؛ لأنه مجتهد، والمجتهدُ لا يؤاخذ، أصابَ أو أخطأ، والحق أن المؤاخذة هنا ليست عقوبة، وإنما هي (٣) تنبيه على عِظَمِ حقّ الأم، وإن كان مرجوحاً، وكان من كرامته على الله أَنْ ألهم أَمَّه الاقتصاد (٤) في الدعوة، فلم تقل: اللهمَّ امتحنْه، وإنما قالت: "لا تُمته حتى تريه وجوههن (٥) " (٦)، فلم تقتض (٧) الدعوةُ إلا كدرًا يسيراً (٨) أعقبَ صَفْواً (٩) كثيرًا.

وترجمة البخاري إنما خرجت على تصويب رأي جريج في تقديم حقِّ الصلاة، ولهذا جعله أصلًا في هذه الشريعة: أن الولدَ إذا دعَتْه أمه في الصلاة يجيبها (١٠)، ولا يُتصور من البخاري أن يخطئ رأيهُ فيجعله أصلًا


(١) انظر: "شرح ابن بطال" (٣/ ١٩٥).
(٢) في "ن": "وخذنا"، وفي "ع": "وأوخذ"، في "ج": "وأخذ".
(٣) في "ج": هو.
(٤) في "ع" و"ج": "الاقتصار".
(٥) في "م": "تراه وجوهن".
(٦) رواه البخاري (٢٤٨٢)، ومسلم (٢٥٥٠).
(٧) في "م": "تقتضي".
(٨) في "ن": "يسير".
(٩) في "م": "صوًا".
(١٠) في "م": "لا يجيبها".

<<  <  ج: ص:  >  >>