للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: ١٠٩]

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: ٢٧]. {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤].

({قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} إلى قوله: {مَدَدًا}): وقع لبعضهم في قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} [الرعد: ٦]: أن قال: معنى الكلام (١): ويستعجلونك بالسيئة (٢) دون الحسنة؛ لأن السيئة لو حلَّت بهم، وهي عقوبةُ الكافرين، لم يبق للنعمة موقعٌ، ولا في الرحمة مطمَعٌ، فلا ينبغي أن يفهم من "قَبْلَ" هنا ما يُفهم منها في قولك: وَفِّ الأَجِيرَ أَجْرَه قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ، ولا في قوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ} [الشورى: ٤٧]؛ فإن جفافَ العرق واقعٌ لا بد، وكذلك إتيانُ اليوم، وأما الحسنةُ في حق هؤلاء، فغيرُ واقعة أبداً، ونظير هذه الآية قولُ جرير:

فَيَا لَكَ يَوْماً خَيْرُهُ قَبْلَ شَرِّهِ ... تَغَيَّبَ وَاشِيهِ وَأَقْصَرَ عَاذِلُهْ

وذكر ابن رشيق في "العمدة": أن الأصمعي قرأ هذا البيت على خلف الأحمر كذلك، فقال له خَلَفٌ: أصلحْه: فيا لَكَ يوماً خيرُه دونَ شَرِّهِ، فإنه لا خيرَ بخيرٍ بعدَه شرٌّ، فقال له الأصمعي: هكذا حفظتهُ، فقال: صدقتَ،


(١) "معنى الكلام" ليست في "ج".
(٢) في "ج": "معناه يستعجلونك بالسيئة".

<<  <  ج: ص:  >  >>