للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يلزم مثلُ هذا في المتأني المتثبِّتِ؛ لأن ذلك يحتاط (١) لنفسه قبل أن يُحتاط له، وهو من جنس قولِ مالكٍ في عقد النكاح: إذا قال له: زَوِّجْني، فقال: فعلتُ؛ فقال: لا أرضى، قال مالك: قد لزمه العقد، ولا يُقبل منه أنه قصدَ الاحتياط؛ لأن النكاح بابٌ يُتروَّى فيه، فما بلغ إلى قوله: زَوِّجني، إلا وقد تحقق العزم، ولا كذلكَ البيعُ؛ فإنه قبل قوله: إنه أراد المساومةَ؛ لأن البيعَ يشبه أن يقع فلتةً بدون تثبُّتٍ وتَرَوٍّ.

* * *

باب: عَزْمِ الإِمَامِ عَلَى النَّاسِ فِيما يُطِيقُونَ

١٦٢٥ - (٢٩٦٤) - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: لَقَدْ أَتَانِي الْيَوْمَ رَجُلٌ، فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُؤْدِياً نَشِيطاً، يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لَا نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللهِ! مَا أَدْرِي مَا أقولُ لَكَ، إِلَاّ أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَسَى أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلَاّ مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ، سَأَلَ رَجُلاً، فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لَا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ! مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَاّ كَالثَّغْبِ، شُرِبَ صَفْوُهُ، وَبَقِيَ كَدَرُهُ.

(أرأيت رجلاً مُؤْدِيًا): -بميم مضمومة فهمزة ساكنةٍ فدال مهملة


(١) في "ع" و"ج": "يحتاج".

<<  <  ج: ص:  >  >>