(وأن أعمال بني آدم وقولَهم يوزنُ): يشير بذلك إلى الردِّ على المعتزلة في إنكارهم الميزانَ، ومذهبُ أهل السنة الإيمانُ به، وأنه حق؛ لقوله تعالى:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}[الأعراف: ٨]؛ أي: وزنُ الأعمال يومئذ الحق، {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: ٦، ٧]، إلى غير ذلك من الآيات، والأخبار الدالة عليه، وقد عرفه بعضهم بقوله: ما تُعرف به مقاديرُ الأعمال؛ لأن الأعمالَ أعراضٌ يستحيلُ بقاؤها، فلا توصف بالخفةِ والثقل، لكن لما وردَ الدليلُ على ثبوته، وجبَ أن نعتقده، ونَكِلَ علمَ ذلك إلى الله تعالى، ولا نشتغل بكيفيته، بل نقول: إن الله تعالى قادر على أن يعرف عباده مقاديرَ أعمالهم يوم القيامة بأي طريق شاء، ويكون ذلك ميزاناً لأعمال العبادة، على أن الموازين لا يجب أن تكون متماثلة، بل تختلف باختلاف الموزونات، ألا ترى أن الموازين غير متماثلة، بل تختلف باختلاف الموزونات؟ ألا ترى أن ميزان الحنطة والشعير ليس كميزان الذهب والفضة، وميزان أهل النحو ليس ميزان غيرهم؟
وما قالوا: من أن الله تعالى يخلق من كلِّ حسنةٍ نوراً، ومن كلِّ سيئةٍ ظُلْمَةً، فتوزن تلك الأنوارُ والظُّلَم، غيرُ سديد؛ لأن الموزون حينئذ غيرُ الأعمال، هكذا قرره بعضهم.