إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينُه، ونستهديه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضْلِل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وصلَّى الله على نبيّنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد
فإنَّ الله تعالى -بمنِّه وكرمه- قد خصَّ هذه الأمةَ بخصائصَ مهمَّة، وشرَّفها بمناقبَ جمَّة، فأكرمها بالقرآن، وتفضَّل عليها بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المبيِّن له، وجعل سنَّته هي البيان، وهيَّأ لهما علماءَ راسخين، وجهابذة ناقدين، ذبُّوا عنهما تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وكان من هؤلاء الجلَّة إمام الدنيا في الحديث، وحافظ الإسلام في القديم والحديث، الإمام أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله -، الّذي اجتمع الأئمة على تقديمه، واتفقوا على إمامته؛ لِمَا علموا من فضله ودينه،