للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: ٥٦]، فكذا حياة المقبور قبل الحشر (١).

قال ابن المنير: وأشكل ما في القضية أنه (٢) إذا ثبتت (٣) حياتهم، لزمَ أن يثبتَ موتُهم بعد هذه الحياة؛ ليجتمع الخلقُ كلُّهم في الموت عند قوله تعالى: {لِمَنِ المُلْكُ اليَومَ} [غافر: ١٦]، فيلزم (٤) تعدد الموت، وقد قال تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: ٥٦].

والجواب الواضحُ عندي: أن معنى قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} [الدخان: ٥٦]؛ أي: ألمَ الموت، فيكون الموت الذي يعقب الحياة الآخرة بعد الموت الأول لا يُذاق ألمه أَلبتة.

ويجوز ذلك في حكم التقدير (٥) بلا إشكال، وما وضعت العرب اسمَ الموتِ إلا للمؤلم على ما فهموه، لا باعتبار كونه ضداً للحياة (٦)، فعلى هذا يخلق الله لتلك الحياة الثانية ضداً يُعدمها به (٧)، لا يُسمى (٨) ذلك الضد موتاً، وإن كان للحياة ضدًّا؛ جمعاً بين الأدلة العقلية والنقلية واللغوية.


(١) انظر: "التنقيح" (١/ ٣٢٩).
(٢) في "ع": "لأنه".
(٣) في "ع": "ثبت".
(٤) في "م" و"ج": "يلزم".
(٥) في "ن": "القدير".
(٦) في "ع": "ضد الحياة".
(٧) "به" ليست في "ن" و"ع".
(٨) في "م" "ج": "يتميز".

<<  <  ج: ص:  >  >>