للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إلا الإبقاء): قال الزركشي: بالرفع، فاعل "لم يمنعه"، ويجوز النصب، على أنه مفعول لأجله، ويكون في "منعهم" ضميرٌ عائد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هو فاعله (١).

قلت: تجويز النصب مبني على أن يكون في لفظ الحديث الواقع في البخاري "لم يمنعهم"، وليس كذلك، إنما فيه "لم يمنعه"، فرفعُ الإبقاء متعين؛ لأنه الفاعل، وهذا الذي قاله الزركشي، كلام وقع للقرطبي في "شرح مسلم"، وفي الحديث (٢): "ولم يمنعهم"، فجوَّز فيه الوجهين (٣)، وهو ظاهر، لكن نقله إلى ما في البخاري غيرُ متأتٍّ، فتأمله.

والإبقاء: - بكسر الهمزة وبالباء الموحدة والمد - مصدرُ أَبقى عليه: إذا رَفَقَ به.

وقال ابن المنير: وفيه (٤) لطيفة، وهي أن الأفعال لمَّا لم يكن لها صنع، جاز أن يستعمل منها ما يفهم الأمر على خلاف ما هو عليه، ولا يكون ذلك كالقول؛ فإن القول المحلف كذب، ولم يجوز النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه أن يقولوا: ليس بهم حُمَّى، ولكن جوز لهم فعلاً يَفهم منه من لا يعلم الباطنَ أنهم ليسوا بهم حمى، وإن كان الفاهم مغالطاً في فهمه، دل ذلك لمصلحة إفحام الخصم المبطل في التعبير بما لا يسوغ التعبير به؛ لأن الحمى ليست (٥)


(١) انظر: "التنقيح" (١/ ٣٩٣).
(٢) في "ج": "وفي الحديث قال".
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٣/ ٣٧٦).
(٤) في "ع": "وفي".
(٥) في "ع": "ليست".

<<  <  ج: ص:  >  >>