للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو هنا عدمُ الإحسان إلى غير الكريم، وعدمُ الإفاضة من المزدلفة، لكن جرت عادته في هذا الكتاب: أنه (١) يعتبر في أمثال هذه المواضع التفاوت والبعد بين المعطوفين، وبين ما دخله النفيُ من المعطوف عليه، لا بينه وبين النفي، ذكره (٢) في قوله تعالى: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: ١١١]: إن ثُمَّ للدلالة على بُعد ما بين توليتهم الأدبار، وكونهم يُنْصرون.

وأما الاعتراض بأن التفاوت بينهم من كون أحد الفعلين من توليتهم مأموراً به، والآخر منهياً عنه، سواء كان العطف بثم، أو بالفاء، أو بالواو، فليس بشيء؛ لأن المراد أن في ثم إشعاراً بذلك، ودلالةً عليه من حيث كونُها في الأصل (٣) للتراخي، ولا كذلك الفاء والواو، والأمر والنهي حتى لو علم بدلالة الفعل، ثم يرد أن هذا مما يطابق المثال لو أريد: أفيضوا إلى منى من غير تعيين عرفات، أو أريد في المثال: أحسن إلى الناس الكرام.

وأما إذا جرى الناس على الإطلاق، وقد تقرر أن: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ} [البقرة: ١٩٨] يدل على وجوب الإفاضة من عرفات، فلا مطابقة، إلا أن هذا لا يضر بالمقصود، وهو التطابق في موضع "ثم"، وفي الدلالة على تفاوت ما بين الفعلين، وذهب بعضهم إلى أن مراده: أن {ثُمَّ أَفِيضُوا} [البقرة: ١٩٩] عطفٌ على {فَاذْكُرُوا (٤) اللَّهَ} [البقرة: ١٩٨]


(١) في "ج": "لأنه".
(٢) في "ج": "وذكره".
(٣) في "ج": "الأصل عنده".
(٤) في "ج": "على ما ذكروا"، وفي "ع": "على زادوا"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>