للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا): قال ابن المنير: قد استقر في القواعد أن الأحكام لا تتعلق إلا بأفعال المكلفين، فمعنى تحريم اليوم والبلد والشهر: تحريمُ أفعال الاعتداء فيها على النفس والمال والعرض، فما معنى إذن تشبيه الشيء بنفسه؟

وأجاب: بأن المراد أن هذه الأفعال في غير هذه البلدة، وهذا الشهر، وهذا اليوم مُغلَّظة الحرمة، عظيمةٌ عند الله، فلا يستسهل المعتدي كونَه تعدَّى في غير البلد الحرام، والشهر الحرام، بل ينبغي له أن يخاف خوفَ من فعل ذلك في البلد الحرام (١)، وإن كان فعلُ العدوان في البلد الحرام أغلظَ، فلا ينبغي كونُ ذلك في غيره غليظاً أيضاً، وتفاوتُ ما بينهما في الغلظ لا ينفعُ المعتدي في غير البلد الحرام، فإن فرضناه تعدَّى في البلد الحرام، فلا يستسهل حرمة البلد، بل ينبغي أن يعتقد أنَّ فعله أقبحُ الأفعال، وأن (٢) عقوبته بحسب ذلك، فيراعي الحالتين؛ كما قيل عن ابن عباس -رضي الله عنهما -: أنه كان إذا سُئل: هل للقاتل توبة؟ يسأل: هل قتل أولاً؟ فإن قال: إنه قتل، قال: نعم، له التوبة، فإن قال: لم أقتل بعد، قال: لا توبة لقاتل (٣).

(لا ترجعوا بعدي كفاراً): أي: لا تصيروا، ففيه استعمالُ رجعَ كصار؛ معنًى وعملاً.


(١) "الحرام" ليست في "ع".
(٢) "وأن" ليست في "ج".
(٣) في "ع": "لفاعل".

<<  <  ج: ص:  >  >>