للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: ١٨] مع قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]؛ أي: عدلاً خياراً، فشهد لهم الله ورسوله بالعدالة والرضا، فتمت التزكية فيهم.

قلت: تعليقُ تمامِ التزكية على شهادة الله ورسوله جميعاً محلُّ بحث لا يخفى عليك.

ثم قال: وأما مَنْ بعدهم، فما ثبت لهم إلا أنهم خيرٌ من الذين يتأخرون عنهم، ولا يلزم من ذلك التزكية.

(ويَنذِرون): بفتح حرف المضارعة وكسر الذال المعجمة وضمها.

وهذا لا يعارض حديثَ النهي عن النذر، وإنما هو تأكيد لأمره، وتحذير من التهاون به بعد إيجابه.

قال الزركشي: النذرُ: إيجابُك على نفسِك تبرعاً من عبادة أو صدقة أو غير ذلك (١).

قلت: هذا لا يتمشى على مذهبنا؛ فإنه ينطبق على نحو: إن فعلت كذا، فلله عليَّ طلاقُ زوجتي فلانَة؛ إذ يصدق (٢) عليه أنه إيجاب تبرع، ولا يلزم الطَّلاق عندنا في مثل هذه الصورة؛ فإنه غير قربةٍ.

قال شيخنا ابن عرفة -رحمه الله تعالى-: النذرُ الأعم من الجائز: إيجابُ امرئٍ على نفسِه لله أمراً؛ لحديث: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ الله" (٣)،


(١) انظر: "التنقيح" (٢/ ٥٨٣).
(٢) في "ع": "إذا تصدق".
(٣) رواه البخاري (٦٦٩٦)، عن عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <  ج: ص:  >  >>