كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَفَلَا نُبِشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءَ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ، فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ -أُرَاهُ- فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ".
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ: "وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ".
(الفردوس): قيل: هو البستان بلغة الروم، وهو معرب.
(فإنه أوسط الجنة): أي: أفضلُها؛ كقوله تعالى: {أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]؛ أي: خِياراً.
و (فوقه عرشُ الرحمن): قيده الأَصيلي بضم القاف؛ أي: أعلاه.
والجمهور على النصب، ولم يصحح ابن قُرقُول تقييد الأَصيلي، وقال: إنه وهم عليه.
قلت: وجهه أن فوق من الظروف الملازمة للظرفية، فلا تستعمل غيرَ منصوبة أصلاً.
والضمير المضاف إليه "فوق" ظاهر التركيب عَوْدُه إلى الفردوس. وقال السفاقسي: هو راجع إلى الجنة كلِّها (١).
قلت: والتذكير حينئذ باعتبار كون الجنة مكاناً، وإلا، فمقتضى الظاهر على ذلك أن يقال: وفوقها.
(١) انظر: "التنقيح" (٢/ ٦٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute