للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو جعفر: وإنما هي شفاعة شفعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته (١) عند ربه؛ ومثلُه لا يسمى نسخاً.

وردَّ السهيلي قولَه بلزوم البداء في النسخ بما هو مقرر في كتب الأصول.

ثم قال السهيلي: وقولُنا في الخمس والأربعين صلاةً الموضوعةِ عن محمدٍ وأمته أحدُ وجهين:

إما أن يكون نُسخ ما وجب على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أدائها، ورُفع عنه استمرارُ العزم واعتقادُ الوجوب، وهذا قد قدمنا أنه نسخ على الحقيقة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونُسخ عنه ما وجب (٢) عليه من التبليغ؛ فقد كان في كل مرة عازماً على تبليغ ما أُمر به، وقولُ أبي جعفر: إنما كان شافعاً ومراجِعاً لا ينفي النسخَ؛ فإن النسخ قد يكون عن سبب معلوم، فشفاعته -عليه الصلاة والسلام- لأمته كانت سبباً للنسخ، لا مبطلةً له، ولكن المنسوخ ما ذكرناه من حكم التبليغِ الواجبِ عليه قبل النسخ، وحكم الصلوات الخمس في خاصته، وأما أمته، فلم يُنسخ عنهم (٣) حكم؛ إذ لا يُتصور نسخُ الحكم قبل وصوله إلى المأمور، وهذا كله أحدُ الوجهين المذكورين في الحديث.

قلت: لم يَرفع الإشكالَ أصلاً، فإن فرض الصلاة لم يكن خاصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، بل كان شاملاً له ولأمته، ولذلك قال موسى -عليه السلام-: "إنَّ أمتك لا تُطيق ذلك"، فهو صريح في أن الأمة مفروضةٌ عليهم الخمسون.

وما أحسنَ قولَه: "إن أمتك لا يطيقون ذلك"، ولم يقل: إنك وأمتك


(١) "لأمته" ليست في "ع".
(٢) "عنه ما وجب" ليست في "ع".
(٣) في "ع": "عليهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>