للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا. فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاء، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاء، فَأَقْبَلُوا، قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاء، فَقَالُوا: أتأذَنِينَ لَنَا أَنْ ننزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقَالَتْ: نعمْ، وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاء، قَالُوا: نعمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، وَهْيَ تُحِبُّ الإنْسَ"، فَنَزَلُوا، وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الْغُلَامُ، وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّة مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ، زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكتهُ، فَلَمْ يَجدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأتهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا. ثُمَّ سَألَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ. فَشَكَتْ إِلَيْهِ. قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ، فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَقُولي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ. فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ، كَأَنَّهُ آنس شَيْئًا، فَقَالَ: هَلْ جَاءكمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ: نعمْ، جَاءَنَا شيخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَألنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي: كَيْفَ عَيْشُنَا؟ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ. قَالَ: فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءَ؟ قَالَتْ: نعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ: غَيِّرْ عَتَبةَ بَابِكَ. قَالَ: ذَاكِ أَبي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أفُارِقَكِ، الْحَقِي بأَهْلِكِ. فَطَلَّقَهَا، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أتاهُمْ بَعْدُ، فَلَمْ يجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَسَأَلَهَا عَنْهُ. فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا. قَالَ: كيْفَ أَنتمْ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ، وَهَيْئتَهِمْ، فَقَالَتْ: نَحْن بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ، وَأثنَتْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ: مَا طَعَامُكُمْ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>