للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(تبرق أسارير وجهه): يعني خطوط وجهه وتكسُّرها، واحدها سِر، بكسر السين، وجمعه أسرار؛ فأسارير جمع الجمع.

(إن بعض هذه الأقدام من بعض): استدل بهذا الحديث فقهاء الحجاز ومن تبعهم على أصل من أصولهم؛ وهو العمل بالقيافة، حيث يشتبه إلحاق الولد بأحد الواطئين في طهر واحد، لا في كل الصور، بل في بعضها، ووجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُرَّ بذلك.

قال الشافعي -رحمه الله-: ولا يُسرُّ بباطل، وخالف أبو حنيفة وأصحابه، واعتذارهم عن الحديث أنه لم يقع منه إلحاق متنازع فيه، ولا هو وارد في محل النزاع؛ فإن أسامة كان لاحقًا بفراش زيد من غير منازع له فيه (١)، وإنما كان الكفار يطعنون في نسبه؛ لتباينٍ بين لونه ولون (٢) أبيه في السواد والبياض، فلما غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما وألحق محرز أسامة بزيد، كان ذلك إبطالًا لطعن الكفار بسبب اعترافهم بحكم القيافة، وإبطال طعنهم حق، فلم يسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بحق.

والأولون يجيبون: بأنه وإن كان ذلك واردًا في صورة خاصة، إلا أن له جهة عامة، وهي دلالة الاشتباه على الأنساب، فتأخذ هذه الجهة من الحديث ويعمل بها (٣).


(١) "فيه" ليست في "ع".
(٢) في "ع" و"ج": "وبين لون".
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>