للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ". فَبَكَى أَبُو بَكرٍ، وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأمُّهَاتِنَا. فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، وَهْوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكرٍ، إِلَّا خُلَّةَ الإِسْلَامِ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبي بَكْرٍ".

(إنَّ من أمن النَّاس عليَّ (١) في صحبته وماله أبو بكر): المرادُ بـ "أمن": أَسْمَحُ، وأَبْذَلُ، وليس المراد معنى الامتنان؛ لأن المنَّة تفسد الصَّنيعة (٢)، ولا مِنَّةَ لأحدٍ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ويروى: "أبا بكر" بالنَّصب، على أنَّه اسم إنَّ، وهو واضح.

وأمَّا "أبو بكر" بالرَّفع؛ قال ابن برِّي: هو خبر "إنَّ"، واسمها محذوف، و"من أمن (٣) النَّاس" صفته، والمعنى: أن رجلًا أو إنسانًا من أمنِّ النَّاس عليَّ، و"من" زائدة على رأي الكسائي (٤).


(١) "علي" ليست في "ع" و"ج".
(٢) في "ع" و"ج": "الصيغة".
(٣) في "ع": "أن".
(٤) انظر: "التنقيح" (٢/ ٧٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>