للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبي حَازِمٍ، قالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهْوَ يَقْضي بهَا وَيُعَلِّمُهَا".

(لا حسد إلا في اثنتين): قال الزركشي: قيل: أرادَ: الغِبْطَة (١)، وهي: تمني مثلِ ما له من غير زوال النعمة عنه، وهذا هو قضية تبويب البخاري.

وقيل: بل هو على حقيقته، وهو كلام تام (٢) قُصد به نفيُ الحسد، أو النهيُ عنه، ثم قال: "إلا في اثنتين"، فأباح هذين، وأخرجَهما من جملة المنهيِّ (٣) عنه (٤)؛ كما رخص في نوع من الكذب، وإن كانت جملته محظورة، وهو استثناء من غير الجنس على الأول، ومنه على الثاني (٥).

قلت: هكذا رأيت في نسختي منه، وهو مشكل؛ فإن الاستثناء متصل على الأول قطعًا؛ لأنه استثناء مفرغ (٦) من خبر عام مقدر؛ أي: لا غبطة في شيء من الأشياء إلا في اثنتين، وأما على الثاني: فجعله متصلًا يلزم عليه إباحة الحسد في الاثنتين كما صرح به، والحسدُ الحقيقي -وهو تمني زوالِ نعمة المحسود عنه، وصيرورتها إلى الحاسد- لا يُباح أصلًا، وكيف يُباح تمني زوال نعم (٧) الله عن المسلمين القائمين بحق الله فيها (٨)؟


(١) في "ن": "بالغبطة".
(٢) في "ع": "عام".
(٣) في "ج": "النهي".
(٤) "عنه" ليست في "ن".
(٥) انظر: "التنقيح" (١/ ٥٨).
(٦) في "ع": "متفرع".
(٧) في "ج": "نعمة".
(٨) في "ج": "فيهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>