فَصَاحَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ! إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ". فَجئْتُ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجينًا، فَبَصَقَ فِيهِ، وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا، فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: "ادْعُ خَابِزَة فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهَا". وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ! لَقَدْ أَكَلوُا حَتَى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ.
(خَمَصًا): -بفتح الخاء المعجمة والميم-: ضمورُ البطن من الجوع.
(فانكفأتُ): أي: انقلبتُ. قال الزركشي: وأصلُه الهمز؛ من كَفَأْتُ الإناءَ، وتُسَهَّل (١).
قلت: لكن ليس القياسُ في تسهيل مثله إبدالَ الهمزة ياء.
(فبسق): -بالسين المهملة-، كذا الرواية، ويقال بالصاد وبالزاي.
(واقدحي من برمتك): أي: اغرفي منها، والمغرفةُ تسمى: المِقْدَحَة.
(وانحرفوا): أي: مالوا وخرجوا من عندنا.
(وإن برمتنا لتغِطُّ): -بكسر الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة-؛ أي: ممتلئة تفور بحيث يُسمع لها غَطيط.
(١) انظر: "التنقيح" (٢/ ٨٥١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute