للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِيُصَلِّيَ، فَقَامَ عُمَرُ، فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَقَدْ نهاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا خَيَّرَني اللهُ، فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: ٨٠]، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ". قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِق، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤].

(عن ابن عمر، قال: لمّا تُوُفِّيَ عبدُ الله بنُ أُبي (١)): قال الزركشي: في هذه الرواية وَهْمٌ، وهو أن عمر قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتصَلِّي عليه، وقد نهاكَ ربُّك أن تُصلِّيَ عليه؟! "، ثم أخبر بعد انفصال القضية: أن الله تعالى أنزل: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ} [التوبة: ٨٤] (٢).

قلت: لا (٣) وهمَ -إن شاء الله- في الرواية، والكلامُ شديد منتظم، وذلك بأن تقول: لعل عمر - رضي الله عنه - فهم نهيَ الله تعالى عن الصلاة على هذا المنافق من قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠]؛ من حيث سوى بين الاستغفار وعدمه في عدم النفع، وعلل ذلك بكفرهم، وقد ثبت من جهة الشرع امتناعُ المغفرة لمن مات كافرًا، والدعاءُ بوقوع ما عُلم انتفاءُ وقوعه شرعًا أو عقلًا ممتنعٌ، ولا شك أن الصلاة على المشرك الميت استغفارٌ له ودعاء، وقد نُهي عنه، فتكون الصلاة عليه منهيًا عنها (٤).


(١) كذا في رواية أبي ذر الهروي، وليست في اليونينية.
(٢) انظر: "التنقيح" (٢/ ٩٣٠).
(٣) في "ج": "ولا".
(٤) في "ج": "عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>