قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نعمْ. قَالَ: فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَالَ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيكَ؟ يَا مُوسَى! إِن لِي عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ! مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْم اللَّهِ، إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ، حَتَّى إِذَا ركِبَا فِي السَّفِينَةِ، وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا، تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ، عَرَفُوهُ، فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ الصَّالِحُ -قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدٍ: خَضِرٌ؟ قَالَ: نعمْ-، لَا نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا، وَوَتَدَ فِيهَا وَتدًا، قَالَ مُوسَى {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [الكهف: ٧١]-قَالَ مُجَاهِدٌ: مُنْكَرًا-، {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٧٢]، كانَتِ الأُولَى نِسْيانًا، وَالْوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثة عَمْدًا، {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: ٧٣]، لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ. قَالَ يَعْلَى: قَالَ سَعِيدٌ: وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ، فَأَخَذَ غُلَامًا كَافِرًا ظَرِيفًا، فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ، قَالَ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: ٧٤]-لَمْ تَعْمَلْ بِالْحِنْثِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا: زَكِيَّةً زَاكيَةً مُسْلِمَةً؛ كَقَوْلكَ غُلَامًا زَكيًّا-، فَانْطَلَقَا، فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَأَقَامَهُ-. قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَهُ -فَاسْتَقَامَ-. قَالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ - {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: ٧٧]- قَالَ سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكلُهُ {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ} [الكهف: ٧٩]: وكَانَ أَمَامَهُمْ، قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ. يَزْعُمُونَ: عَنْ غيْرِ سَعِيدٍ: أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدٍ، وَالْغُلَامُ الْمَقْتُولُ اسْمُهُ -يَزْعُمُونَ-: جَيْسُورٌ، {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: ٧٩]، فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute