للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ قَالَ: "لَا يُلدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ".

(لا يُلدغ المؤمنُ من جحر واحدٍ مرتين): قال السفاقسي: قيل: لفظُه لفظُ الخبر، ومعناه الأمر، يقول: ليكنِ المؤمنُ حازماً حَذِراً لا يُؤتى من ناحيةِ الغَفْلة، فيخدَعَ مرةً بعدَ أخرى، وقد يكون ذلك في أمر الدين، كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاهما (١) بالحذر.

وروي بلفظ: النهي بكسر الغين، فيتحقق فيه معنى النهي على هذه الرواية، وكذلك قرأناه.

قال: وهذا مَثَلٌ قديم تُمُثِّلَ به من قبلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو - عليه الصلاة والسلام - كثيراً ما يتمثَّلُ بالأمثال القديمة، وأصلُ ذلك: أَنَّ رجلاً أدخلَ يدَه في جُحر الصيدِ أو غيرِه، فلدغَتْه حَيَّةٌ (٢) في يده، فضربته العربُ مثلاً، فقالوا: لا يُدخل الرجلُ يدَه في جُحر فيلدَغ منه مرةً ثانية (٣).

قلت: إذا كان المثلُ العربيُّ على الصورة التي حكاها، فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يورده كذلك حتى يقال: إنه تَمَثَّلَ به، نعم أوردَ كلاماً بمعناه، وانظرْ فرقَ ما بينَ كلامِه - عليه الصلاة والسلام -، وبينَ لفظِ المثلِ المذكورِ، فَطلاوة البلاغة على لفظه عليه السلام، وحلاوة العبارة فيه بادية، يدركُها ذو الذوقِ السليم.

* * *


(١) في"ع": "أولهما".
(٢) "حية" ليست في "ع".
(٣) انظر: "التوضيح" (٢٨/ ٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>