للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال علماؤنا في ذلك تأويلات:

منها: أن هذه الرؤيا المنقسمة على هذه الأجزاء إنها رؤيا النبوة، لا نفسُ النبوة، واختلافُ الأعداد فيها؛ لأنها جُعلت بشارات، فأُعطي من فضله جزءٌ من سبعين جزءاً في الابتداء، ثم زادَ من فضله حتى بلغت خمساً وأربعين.

وانتهى بعضهم إلى أن قال: إن مدة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ثلاثاً وعشرين سنة، وإن ستةَ أشهرٍ منها كان يوحى إليه فيها في المنام.

وهذا يفتقر إلى نقل صحيح، ولو ثبت بالنقل ما أفاد شيئاً في غرضنا، ولا يصحُّ حملُ اللفظ عليه.

وأصح ما في ذلك تأويلُ الطبري - عالمِ القرآنِ والحديثِ -؛ فإن نسبة هذه الأعداد إلى النبوة إنما هو بحسب اختلاف حال الرائي، فتكون رؤيا الصالح على ستةٍ وأربعين، والمحطوط من درجته على ما دونها، وهذا تأويلٌ جُملي، فأما تحقيقُ الأجزاء وكيفية القسمة، فلا يمكن ذلك أبداً. انتهى.

وقال بعضهم: السبب في تخصيصه هذا العددَ أن الوحي كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - على ستة وأربعين نوعاً، الرؤيا نوعٌ من ذلك.

وقد حاول الحليمي تعدادَ تلك الأنواع.

وقد قدحَ بعضُهم في التأويل المتقدم، وهو ادعاءُ أن زمنَ الوحي بالرؤيا كان ستةَ أشهر، وهي من ثلاث وعشرين نسبةُ جزءٍ من ستة وأربعين جزءاً؛ بأنه - عليه السلام - بعدَ النبوة رأى منامات كثيرة، فيجبُ أن يُلفق منها ما يُضاف إلى ستة الأشهر، فيتغيرُ الحساب، وتفسدُ النسبةُ.

قال الإمام المازري: ولا وجهَ (١) عندي لهذا الاعتراض؛ لأن الأشياء


(١) في "ج": "والأوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>